إذا قلت إن القاتلتين الشهيرتين ريا وسكينة، قد نطقتا الشهادة قبل تنفيذ حكم الإعدام فيهما، ربما لن يصدقك أحد، لكن القصة الشائكة، بها تفاصيل كثيرة، لا تزال تتكشف حتى الآن.
ولمن لا يعرف "ريا وسكينة" فهما شقيقتان مصريتان اشتهرتا بتكوين عصابة لاستدراج النساء وقتلهن من أجل السرقة في الفترة ما بين ديسمبر 1919 ونوفمبر 1920 مما تسبب في خلق حالة من الذعر في مدينة الإسكندرية في ذلك الوقت. وألقي القبض عليهما وتوجيه تهمة القتل العمد لـ 17 سيدة وتم إدانتهما من قبل المحكمة، وتم إعدامهما في 21 و 22 ديسمبر سنة 1921. تعد ريا وسكينة أول سيدتين يتم تنفيذ حكم الإعدام عليهن في تاريخ مصر الحديث.
في صحيفة اليوم السابع، قال الكاتب الصحفي سعيد الشحات، إنه يوم تنفيذ حكم الإعدام كان صباح الأربعاء 21 ديسمبر 1921، وفى السابعة والنصف اصطفت هيئة التنفيذ أمام غرفة الإعدام، وجاء حراس السجن بـ«ريا»، وقال مندوب «الأهرام» إنها كانت ترتدى ملابس الإعدام الحمراء، وعلى رأسها طاقية بيضاء، تسير بقدمين ثابتتين.
أشار إلى أنها استمعت بصمت إلى حكم الإعدام الذى تلاه عليها مأمور السجن، ثم سألها المحافظ إذا كانت تحتاج إلى شىء، فقالت إنها تريد أن ترى ابنتها بديعة، فالتفت إلى المأمور الذى قال إن ابنتها زارتها قبل يومين، فقالت: - يعنى ما اشوفش بنتى؟! ثم أدخلت إلى غرفة الإعدام، وكانت آخر عبارة قالتها: «أودعتك يا بديعة يا بنتى بيد الله»، ثم نطقت الشهادتين، واستمر نبضها دقيقتين، وظلت معلقة لمدة نصف ساعة.
وبعد الثامنة اقتيدت «سكينة» إلى ساحة التنفيذ، وقال مندوب «الأهرام» إنها أكثرت من الحركة والكلام، بينما كان المأمور يقرأ عليها نص الحكم، وكانت تتمتم بعبارات تعلق بها على ما تسمعه، فعندما ذكر الحكم أنها قتلت 17 امرأة، قالت: هو أنا قتلتهم بإيدى؟! ثم قالت بتحدٍّ: «أيوة قتلت واستغفلت بوليس اللبَّان، والشنق ما يهمنيش، أنا جدعة»، وعندما دخلت إلى غرفة المشنقة، قالت للجلاد وهو يوثق يديها خلف ظهرها: «هو أنا رايحة أهرب ولاّ َأمنع الشنق بإيدى؟ حاسب، أنا صحيح ولية، ولكن جدعة، والموت حق»، ولما كانت تحت الحبال قالت: «سامحونا.. يمكن عيبنا فيكم» ثم تلت الشهادتين.
ريا وسكينة نزحتا في بداية حياتهما برفقة والدتهن وشقيقهن الأكبر (أبو العلا) من صعيد مصر إلى مركز كفر الزيات ومن ثم إلى مدينة الإسكندرية واستقروا بها في بدايات القرن العشرين حيث بدؤوا العمل في الأعمال غير المشروعة مثل تسهيل تعاطي المخدرات والخمور عن طريق إنشاء محال سرية لتلك الممارسات، والقوادة وتسهيل الدعارة السرية، إلى أن انتهى بهم المطاف باستدراج النساء وقتلهن.
وبالرغم من أن التشكيل العصابي كان مكون من 6 أفراد (ريا، سكينة، حسب الله، عبد العال، عرابي وعبد الرازق) إلا أن قصتهما اشتهرت إعلامياً بـ "ريا وسكينة" وكذلك تناولت الكثير من الأعمال الفنية نفس الاسم، حيث ألهمت قصتهن العديد من صناع الفن وبلغت نحو 12 عملاً فنياً بين أفلام ومسلسلات ومسرحيات وأعمال إذاعية لتكون أكثر شخصيات تم اقتباس قصتهن في الأعمال الفنية العربية، كما صدرت عدة مؤلفات عن حياتهن وجرائمهن وأشهرها كتاب (رجال ريا وسكينة) من تأليف صلاح عيسى عام 2002.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق